رغم فقدانها مواقعها في سوريا ولبنان، تواصل إيران إظهار مرونة استراتيجية. يفترض الخبراء أن النظام قد يلجأ إلى إجراءات صارمة للحفاظ على نفوذه، بما في ذلك الاغتيالات السياسية والاستفزازات. في الوقت نفسه، يمكن لتصاعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية أن تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. ما المخاطر التي يشكلها ذلك على الشرق الأوسط؟
إيران خسرت الحرب، لكنّ من المبكر الحديث عن هزيمة كاملة، أو تغيير جذري في السلوك أو الممارسة، لا سيما في ظلّ بقاء النظام، وفي ظلّ قدرته على الكمون الاستراتيجيّ، وعلى قلب الطاولة في اللحظة المناسبة، عبر أكثر الأساليب فتكاً على الإطلاق. لن ينام الإيراني على ضيم. خسارة سوريا لا تُقاس في ميزانه انطلاقاً من واقع يُفترض التسليم بحصوله. بل هو زلزال أصاب كبد المشروع الذي عكف النظام على رصفه حجراً حجراً على مدى سنوات طوال، ولن يتوانى عن فعل أيّ شيء لاستعادة هذه البقعة الجغرافيّة، وإن كان ذلك ضرباً من المستحيل، فلا بأس بتخريب كلّ شيء، وتحويل سوريا إلى قطعة ملتهبة يتذابح فيها الجميع مع الجميع.
بالتوازي مع هذا الواقع، تبدو خيارات إيران محدودة للغاية، لا سيما أنّ العين الأميركية والإسرائيلية مفتوحة على اتّساعها في الوقت الراهن وفي المدى المنظور. لكنّ ذلك لن يحول دون التحضير للانقلاب الكبير، الذي سيبدأ حتماً بسلسلة من الاغتيالات السياسية التي ستطاول مجموعة لا بأس بها من القيادات الوازنة. وهذا ما عبّرت عنه صراحةً لجنة الاستخبارات البريطانية، التي أكّدت خشيتها من لجوء إيران إلى اعتماد الاغتيالات نهجاً سياسيّاً في المرحلة المقبلة. ضمن السياق عينه، حذّر الباحث الأميركي مايكل روبين، الذي شغل في السابق منصباً حسّاساً في البنتاغون، من أنّ النظام الإيراني قد يعمد إلى تنفيذ اغتيالات في كردستان العراق وفي أماكن أخرى، وقد ذهب بعيداً في الإشارة إلى الأشخاص بأسمائهم، على اعتبار أنّهم على قائمة الاغتيال التي تُحضّرها طهران لمواكبة المرحلة المقبلة.
أحد أبرز المعرّضين للاغتيال هو الرئيس السوري أحمد الشرع، على اعتبار أنّ اغتياله سيفتح المشهد السوري على تداعيات هائلة، وستدخل البلاد برمّتها في حمّام دم قد لا تخرج منه لسنوات طويلة، لا سيما في ظلّ انعدام البدائل، وقدرة إيران على العبث بالداخل السوري عبر تفجيرات متنقّلة تُشبه أحداث الساحل العلوي، أو التفجير الانتحاري في الكنيسة. وهو ما يعني أخذ الأمور نحو توتّر مذهبي وطائفي، ومطالبات بالأمن الذاتي والحمايات الدولية والانفصال، إضافة إلى إعادة إنعاش المجموعات المتطرّفة التي تتحرّك وفق أجندات معروفة. وهذا ما سيؤدّي إلى انفجارات متدرّجة تُطيح الاستقرار الهشّ، وتقلب المشهد برمّته رأساً فوق عقب.
أحد أبرز المعرّضين للاغتيال هو الرئيس السوري أحمد الشرع، على اعتبار أنّ اغتياله سيفتح المشهد السوري على تداعيات هائلة، وستدخل البلاد برمّتها في حمّام دم قد لا تخرج منه لسنوات طويلة، لا سيما في ظلّ انعدام البدائل، وقدرة إيران على العبث بالداخل السوري عبر تفجيرات متنقّلة تُشبه أحداث الساحل العلوي، أو التفجير الانتحاري في الكنيسة. وهو ما يعني أخذ الأمور نحو توتّر مذهبي وطائفي، ومطالبات بالأمن الذاتي والحمايات الدولية والانفصال، إضافة إلى إعادة إنعاش المجموعات المتطرّفة التي تتحرّك وفق أجندات معروفة. وهذا ما سيؤدّي إلى انفجارات متدرّجة تُطيح الاستقرار الهشّ، وتقلب المشهد برمّته رأساً فوق عقب.
بالتوازي مع اشتعال سوريا، قد تعمد إيران إلى التقاط اللحظة في لبنان، عبر سلسلة من الاغتيالات السياسية، والتي قد تبدأ باغتيال سمير جعجع، باعتباره رأس الحربة في المشروع المقابل، وتنسحب بعده موجة من الاغتيالات المتتالية، على سجيّة الاغتيالات التي أعقبت استهداف رفيق الحريري وتوقّفت لحظة الخضوع السياسي الكامل مع اغتيال محمّد شطح.
بالتوازي مع اشتعال سوريا، قد تعمد إيران إلى التقاط اللحظة في لبنان، عبر سلسلة من الاغتيالات السياسية، والتي قد تبدأ باغتيال سمير جعجع، باعتباره رأس الحربة في المشروع المقابل، وتنسحب بعده موجة من الاغتيالات المتتالية، على سجيّة الاغتيالات التي أعقبت استهداف رفيق الحريري وتوقّفت لحظة الخضوع السياسي الكامل مع اغتيال محمّد شطح. يصعب التكهّن بمآلات المرحلة المقبلة، لكن انطلاقاً من معرفتنا بطبيعة هذا النظام، وطبيعة أذرعه، وطبيعة مشروعه الأيديولوجيّ، يُمكننا الاستشراف أنّ التغييرات الرهيبة التي أصابت المنطقة لن تمرّ مرور الكرام ما لم يُسحَق النظام الإيراني على نحو لا يستطيع بعده القيام. وهذا ما ينسحب أيضاً على كلّ أذرعه وأدواته في المنطقة، وإلّا فسيستعيد أنفاسه عاجلاً أم آجلاً، وسيبادر نحو التوثّب في اللحظة السياسية المناسبة. ولن يتوانى على الإطلاق عن إحراق المنطقة بمن فيها، خدمة لمشروعه ونفوذه، لا سيما في سوريا وفي لبنان، ولاحقاً في العراق. إيران تنحني الآن أمام العاصفة، وهي تدرك أنّ الأولوية القصوى تتمثل في بقاء النظام وصموده، ولاحقاً يأتي دورها في التخريب، وهذا ما تتقنه وتحترفه وتحفظه عن ظهر قلب، وهنا تماماً يكمن الخطأ الاستراتيجي الذي يقع فيه كلّ من يظنّ أنّ هذا النوع من الأنظمة قد يذهب نحو تغييرات جذرية في طبيعته، استناداً إلى ضغوط سياسية أو دبلوماسية أو عسكرية، لأنّ ذلك كلّه لن يزيده إلا تصميماً وتعنّتاً، ولا حلّ معه بالتأديب أو التوبيخ.
قاسم يوسف